لأن المرأة والطفل هما اللذان يدفعان ـ غالبا ـ ثمن الطلاق ماديا ومعنويا, فإن وزارة العدل أعلنت أنها وضعت في مقدمة أولوياتها الحرص علي راحة النساء والاطفال بمحاكم الاسرة خلال الفترة المقبلة.
هذا ماأكده المستشار ممدوح مرعي وزير العدل موضحا أن الاهتمام بالمرأة والطفل سيتم من خلال منظومة تعاون وتفاهم مستمرة مع المجلس القومي للمرأة وأمانة السياسات بالحزب الوطني, كما أن خطة الوزارة تستهدف تيسير اجراءات التقاضي حرصا النساء والاطفال عدم تردد علي محاكم الأسرة.
كل حالة طلاق تكلف المجتمع98 ألف جنيه
هذه التصريحات تزامنت مع ختام أعمال الندوة الاقليمية التي عقدت في بيروت حول تعديلات قوانين الأحوال الشخصية في مصر وفلسطين ولبنان والاردن, ومن أبرز ماتم عرضه في الندوة الآثار الاقتصادية للطلاق الذي تبلغ تكلفته المباشرة حسب بعض التقديرات7 مليارات جنيه سنويا بنسبة1.2% من الناتج القومي الاجمالي, بجانب تكاليف أخري خفية وغير مباشرة يتحملها جيل آخر من الاطفال كما تكلف طول فترة التقاضي المجتمع حوالي1.88 مليار جنيه سنويا.
الندوة نظمها اتحاد المرأة الأردنية بمشاركة كل من لجنة حقوق المرأة اللبنانية ومركز قضايا المرأة المصرية ومركز المرأة للارشاد القانوني بفلسطين.
وأكدت نادية شمروخ المنسقة الاقليمية للندوة أن هذه الندوة الخاصة بتعديل قانون الاحوال الشخصية في الدول الاربع جاءت من نفس المحور الذي ركز عليه وزير العدل المصري في تصريحاته بتيسير اجراءات التقاضي لراحة المرأة والمترددين علي محاكم الاسرة بمختلف المحافظات, وأن حقوق المرأة هي من حقوق الانسان والمساواة حق أساسي لكل المواطنين والمواطنات علي حد سواء بصرف النظر عن الجنس والدين.
واضافت نادية شمروخ أن منظمات المجتمع المدني ورجال الدين والقضاة الشرعيين يقودون تحالفات في الدول الاربع لتعديل القانون الحالي.. لذلك كان من أهم أهداف هذه الندوة الاطلاع علي الخبرات والاستفادة من تعديلات قوانين الاحوال الشخصية في البلدان الاربعة ومالديها من برامج تتعامل بها في القضايا الاجتماعية والسياسية والقانونية للنساء.
وأوضح المستشار خليل مصطفي القاضي بمحكمة استئناف الاسرة بمصر أهمية وجود قانون أسرة عادل وقابل للتطبيق, حيث إن القانون الحالي يجب أن ينظر فيه من وقت لآخر لانه يمس المرأة والرجل والطفل وأن بعض النصوص التي سنها المشرع بهدف تيسير الاجراءات القضائية في قضايا الاسرة قد تكون هي السبب حاليا في تعطيل الفصل في بعض القضايا ويضرب مثال علي ذلك بأن القانون استحدث نظام الخلع لييسر علي المرأة التي تبغض استمرار الحياة الزوجية في أن تنهيها بإرادتها دون خسائر علي الزوج والاسرة بشرط أن ترد اليه المهر الا انه لوحظ عند التطبيق نشوب خلافات حول قيمة المهر ممايطيل أمر النزاع لتحديده وهو مايعوق في بعض الاحيان الفصل في القضية لذلك لابد من تدخل المشرع للنص علي أن يحدد المهر المطلوب رده بالمسمي في العقد ويكون ذلك أمام القضاء المدني دون تعطيل الفصل في قضية الخلع.
وعن رأي الدين في اشكاليات القانون الحالي قال مؤمن محمود مفتي الدعوة الأول لمديرية أوقاف القاهرة أن قضايا مثل الولاية وتعدد الزوجات واقتسام الثروة من أهم القضايا التي تطبق فيها الشريعة الاسلامية, وأضاف أنه يمكن النظر فيما نطلبه من تعديلات علي قوانين الاسرة بما انتهت اليه المذاهب الفقهية المختلفة دون القيد بمذهب معين لاسيما أن القانون الحالي لايقف علي المذهب الحنفي فقط بل استحدث بعض النصوص من مذاهب مختلفة.
ومن أهم المشكلات التي فرضت نفسها علي الندوة مشكلة الطلاق وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية حيث قال د. حمدي الحناوي الخبير الاقتصادي إن الطلاق بوصفه أبغض الحلال له نتائجه السلبية التي تقع علي المرأة والطفل باعتبارهما الفئات الاضعف في المجتمع وعرض دراسة أعدها عن الآثار والتكلفة الاقتصادية المترتبة علي الطلاق التي تستوجب العمل لتعديل الاوضاع القانونية وتقليل فترة النزاع بين الطرفين.
وأشارت د. سلوي عبد الباقي استاذ علم النفس جامعة حلوان الي أن الاطفال خاصة في الفئة العمرية من9 الي12 سنة يدفعون ثمن هذا الطلاق في صور مختلفة فيضطرون لترك المدرسة والعمل في سن صغيرة ليساهموا في إعالة انفسهم وإعاله امهاتهم, بالاضافة لتعرضهم للضغوط النفسية والمادية, وأن35% من الاطفال في هذه السن يدركون حقائق الانفصال بين الابوين بالرغم من تأكيد علماء النفس انهم في هذه السن يحتاجون الي وجود الأب في حياتهم وفي حالة عدم وجودة تتأثر نفسية الاطفال
ويصل الامر احيانا الي حد التشوه النفسي العميق في النهاية لايسعنا سوي ان نقول أن تبادل الخبرات بين الدول الاربع للاستفادة من تعديلات قانون الاحوال الشخصية مهم, حيث أوضح كثيرا من الامور المتعلقة بعدة مشاكل.. فقد طالبت الاردن مثلا تطبيق ماتسير عليه مصر بالنسبة للزواج العرفي من حيث حرمان المرأة من حقوقها وعدم توقيع عقوبة عليها لأن الاردن في القانون الحالي توقع عقوبة علي المرأة المتزوجة بعقد عرفي مع منحها كل حقوقها وهو مايعد من أسوأ أنواع العنف ضد المرأة كما اشاد وفد الاردن أيضا بما تتبعه مصر من عدم الطعن في الحكم الصادر في قضايا الخلع.
وتزامن مع الندوة بلبنان الجدل الممتد داخل أروقة مجلس الشعب بمصر وارتفاع الصوت النسائي حول مشكلة تعدد الزوجات بالقانون الحالي حيث طالبت بعض النائبات بمنع التعدد ووضع خطوط حاسمة حمراء أمام الزواج الثاني وهو ما تضامنت معه عزة سليمان مدير عام مؤسسة قضايا المرأة المصرية والتي رأست الجلسة الاخيرة بالندوة فقالت ان المشروع القائم بين مصر والأردن وفلسطين ولبنان لتعديل قانون الاحوال الشخصية في البلدان الاربعة نادي بالمساواة والعدل بين الرجل والمرأة, لأنه حينما سمحت الاديان بالتعدد كان ذلك في حالة الأرامل الذين يقومون برعاية وتربية الايتام بل ان هناك معايير مادية محددة منها المساواة والتي يجب عند طلب الزوج الزواج بأخري ان يبحث عنها القاضي ومن هذه المعايير ان يعلم القاضي الزوجة الاولي برغبة زوجها الزواج باخري ويسألها هل ترتضي ذلك أم لا؟ وايضا يجب ان يتأكد القاضي من تسوية الزوج لمستحقات الزوجة الاولي قبل زواجه من الثانية.
ويعرف القاضي مقدرة الزوج المادية كاملة وهل يكفي دخله الانفاق علي الاطفال ام لا؟ فهذه هي المصلحة الاولي التي دعا اليها الشيخ محمد عبده لمنع تعدد الزوجات والتي ترسخ مبدأ مصلحة المجتمع اقوي من مصلحة الفرد.